يبدو أن تمثال الحرية يراقب ويصطياد من يتجرأ على إبداء رأيه،خاصة إذا كان مخالفا للرأي الإسرائيلي أو الأميركي،وتحولت حقوق الإنسان وحق الرأي وحق التعبير، مفردات يرددها الأميركيون والغرب، طالما أنها تخدم مصالحهم،وتوفر لهم الطريق للتدخل أو الاعتداء على الآخرين.
إن آخر ضحايا الخداع والقمع الأميركي والغربي ،تتمثل بالسفيرة البريطانية فرانسيس غاي ،وعميدة صحافيي البيت الأبيض هيلين توماس وأوكتافا نصر ،الصحافية في (السي أن إن) منذ عشرين عاما، ،لقد تجرأ ت هذه الضحايا - السيدات من موقع إنساني وقراءة صادقة للواقع ومن مواقع مختلفة ولقضايا متنوعة ، كان آخرها ابداء الرأي الشخصي ورثاء المرحوم آية الله السيد محمد حسين فضل الله،بكلمات معدودات وعلى مدوناتهما الشخصية غير الوظيفية ،فتجرأت هيلين توماس على مناصرة الفلسطينيين ببضع كلمات وتمت معاقبتها بالطرد دون محاكمة أو حق الدفاع عن النفس بعد خمسين عاما من خدماتها الوظيفية، تجاوزا لكل حقوق الإنسانية والوظيفية والقانونية،و مع أن السيد فضل الله يوصف عند البعض(بالاعتدال) والإنفتاح ومع ذلك فإنه ممنوع أميركيا رثاء المعتدلين بعد وفاتهم،فكيف يمكن تصديق الرئيس الأميركي أوباما وهو يمد يده للعالم الإسلامي،الذي سيكون محصورا بين ثلاث قوى هي قوى المقاومة والممانعة والتقدم العالمي، أو حركات طالبان والقاعدة أو قوى الاعتدال، فإذا كانت أميركا وحلفائها تشن الحروب ضد حركات وأنظمة المقاومة والممانعة وتحاصرها،وتعمل على تقويض أنظمتها وتهديد شعوبها،وتقاتل طالبان والحركات المتطرفة وتمنع رثاء المعتدلين أو التفاوض ومن معهم أو الاعتراف بهم ،فلا يبقى من المسلمين سوى بعض الهامشيين أو العملاء أو التابعين الذين يخدمون المشروع الأميركي والصهيوني.
لقد سقط القناع عن الخطاب الأميركي المخادع بعد سقوطه عن السلوك الأميركيين الفاضح والقاتل ،ضد المدنيين في العراق وأفغانستان وقبلهما الموقف الأميركي من ضحايا العدوان الإسرائيلي في لبنان وفلسطين، والغريب أن البعض في لبنان أو المنطقة من نخب سياسية وأنظمة وجماعات لا زال يبشر ويدعو للإقتداء بالتجربة الديمقراطية الأميركية وحرية الرأي بينما ألأقلام المغتالة بغدر الديمقراطية الأميركية ،لا زالت مضرجة على أعتاب صحفهم وقنواتهم التلفزيونية.
إ ن الحرية الأميركية تعمل وفق الأسس والأهداف التالية :
- السماح والترويج للكلام الذي يؤيد الصهيونية والغزو الأميركي.
- منع نشر الحقائق إذا كانت تضر بمصالح أميركا وإسرائيل.
- اعتماد التزوير والكذب في الصحافة والتقارير الدولية لخدمة المشروع الاستعماري.
- تجنيد الصحافة ووسائل ال‘لام لخدمة المخابرات الأميركية لترويج أكاذيب أسلحة الدمار الشامل كما في العراق لتشريع الغزو والاحتلال والقتل.
- إقفال الأفمار الصناعية ووسائل الإتصال أمام الإعلام الذي ينقل الحقيقة والرأي الآخر لإعتقال حرية الرأي.
- دفع الأموال للجمعيات وللصحافيين وللجهات الإعلامية كما أعلن جيفري فيلتمان لتشويه صورة حركات المقاومةوذلك بعنوان المساعدات الاجتماعية والخيرية.
- الصمت الأميركي عن القمع السياسي أو حرية المعتقد أو التمييز الطائفي والمذهبي في الدول المتحالفة معها، وتحييدها عن نشر الديمقراطية المزعومة طالما أن قرارها السياسي يصدر بأمر من السفير الأميركي فيها.
- وجوب الرضى أن تكون عبدا بصفة رئيس أو ملك أو زعيم سياسي أو مفكر، كيفما شئت،المهم أن تكون أفعالك وأفكارك في خدمة السيد الأميركي ووصيه الإسرائيلي.
أوكتافيا نصر وهيلين توماس والسفيرة البريطانية غاي، شهداء لحظة الكلمة الصادقة والحرة ،التي فضحت الكذب الأميركي، وكشفت الضعف والوهن الذي تعيشه القوة العظمى،فمن يخاف من (الكلمة) صحافية كانت أو دبلوماسية ، فإنه أضعف من أن يصمد أمام بنادق المقاومين وإرادة الشعوب الحرة.